بلغت نسبة المحاميات في الأردن 31.2% لعام 2023 مقابل 68.8% المحامين الذكور
29.5% نسبة القاضيات في الأردن مقابل 70.5% قضاة بفجوة بلغت 37.6%
ما زالت النساء تواجه تحديات ثقافية واجتماعية للوصول الى انتخابات مجلس النقابات من دون كوتا
على الرغم من أن الكوتا إجراء مؤقت لتذليل العقبات وإحقاق العدالة لكنها أداة إيجابية ومرحلية لوصول النساء
تضامن: الإصلاح السياسي لا يكتمل دون مشاركة فاعلة للنساء في الحياة العامة والسياسية
تشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى أن نتائج انتخابات مجلس نقابة المحامين الأردنيين، أظهرت خلوّ المجلس من أي تمثيل نسائي، في مشهد يعكس فجوة نوع اجتماعي متزايدة داخل واحدة من أعرق وأهم النقابات المهنية في المملكة، رغم أن النساء يشكّلن 31.2% من إجمالي المحامين في الأردن، و29.5% من القضاة لعام 2023، ما يشير أيضًا إلى حضور نسائي واضح في قطاع العدالة، يقابله تغييب تام في مواقع صنع القرار النقابي، وبهذا، تسجل فجوة النوع الاجتماعي في قطاع المحاماة 37.6%، بينما تصل في القضاء إلى 41%.
هذا الغياب الكامل للنساء عن مجلس النقابة المنتخبة لا يمكن اعتباره صدفة انتخابية، بينما هو مؤشر على تحديات هيكلية وثقافية تعيق تمكين المرأة من الوصول إلى مواقع صنع القرار، حتى في المجالات التي أثبتت فيها النساء كفاءة عالية ومكانة مهنية مرموقة.
فجوة مستمرة رغم الكفاءة والجهود المبذولة لتمكين المرأة الأردنية
تؤكد "تضامن" إلى أن النتائج التي ظهرت مؤخرًا في مجلس نقابة المحاميين الأردنيين تعيد الواجهة إلى تساؤلات جدية وجدلية حول مدى فاعلية الجهود المبذولة لتعزيز مشاركة النساء، ولا تقتصر الجهود في المؤسسات السياسية ومجالس النواب وتشكيل الوزارات والحضور النسائي فيها، بل أنها تشمل النقابات المهنية في مختلف تخصصاتها التي يُفترض أن تكون منصات ديمقراطية تعكس مبدأ العدالة والمساواة لكلا الجنسين، مما يعني أداء متميز ومؤثر وحيوي للنقابات في المجتمع.
وفي الوقت الذي تمكنت فيه النساء من تحقيق تمثيل نسبي متقدم في السلك القضائي، إذ بلغت نسبة القاضيات 29.5% من إجمالي عدد القضاة، لا تزال النقابات المهنية، وفي مقدمتها نقابة المحامين، تُعدّ من أكثر المؤسسات انغلاقًا أمام مشاركة النساء في مواقع صنع القرار، ويُعزى هذا الانغلاق إلى مجموعة من العوامل البنيوية والثقافية التي تتقاطع لتُقيّد حضور النساء في المشهد النقابي، على الرغم من اتساع مشاركتهن في المهنة من حيث العدد والنسبة، وهذا يستوجب طرح عدد من الأسئلة حول قدرة الحقوقيات على كسر الحاجز الوهمي بأحقيتهنّ إلى الولوج إلى مواقع مهمة داخل النقابة بما فيها موقع النقيب.
فمن جهة، تسود ثقافة مهنية يغلب عليها الطابع الذكوري، تُعيد إنتاج الأدوار التقليدية وتُقصي النساء ضمنيًا من مساحات التأثير والتمثيل النقابي، ومن جهة أخرى، يعاني الجسم النقابي من ضعف واضح في آليات التمكين الداخلي للنساء، سواء من حيث إعداد القيادات النسوية، أو دعم ترشح النساء ضمن القوائم النقابية، أو حتى توفير بيئة انتخابية عادلة تُراعي تحديات التمثيل النسائي، وتبقى النظرة لمشاركة النساء محصورة في دور الناخبة.
كما أن طبيعة التحالفات الانتخابية داخل النقابات غالبًا ما تتشكل وفق اعتبارات اجتماعية ومناطقية وشخصية ومصالح وعادة (المصالح تتصالح)، تُقصي النساء لصالح مرشحين ذكور يُنظر إليهم على أنهم أكثر قدرة على الحشد أو الفوز، وتنعكس هذه الديناميات في ضعف وصول النساء إلى مواقع صنع القرار النقابي، على الرغم من توافر الكفاءة المهنية لديهن، ومشاركتهن الفاعلة في العمل النقابي اليومي.
ومن الجدير بالذكر أن النساء المرشحات قد يواجهن أيضًا أشكالًا متعددة من الخطاب السلبي أو التنميط، لا سيما في الفضاءات الرقمية، ما يُسهم في خلق مناخ غير داعم لترشيح النساء ويُعزز من احجامهم عن خوض المنافسة الانتخابية، ويصل أحيانًا حد التنمر عليهنً.
تناقض مع الإصلاحات السياسية والدستورية
تنوه "تضامن" إلى أن المفارقة في هذهِ النتائج تأتي في ظل مسار إصلاحي واضح سلكه الأردن خلال الأعوام الماضية ووجود إرادة سياسية عليا، تمثلت في تعديل الدستور الأردني وتحديث قانوني الأحزاب والانتخاب، مما أسهم في رفع نسبة تمثيل النساء في مجلس النواب إلى 19.5% وهي نسبة لا تزال دون الطموح لكنها تشير إلى اتجاه سياسي داعم لمشاركة النساء حتى وصولها إلى 30% من نسبة المجالس الكلية، وهي الحد الأدنى للتمثيل العادل للنساء، ومع ذلك، فإن غياب النساء عن مجلس نقابة مهنية بحجم نقابة المحامين يثير تساؤلات عن الفجوة بين النصوص القانونية والواقع العملي، ويطرح تحديات حقيقية حول مدى تطبيق مبادئ التمكين والعدالة الجندرية.
كما تؤكد "تضامن" بأنه لا يُمكن فصل نتائج الانتخابات عن البيئة الانتخابية السائدة بشكل عام، التي قد تكون غير مناسبة للنساء، سواء بسبب طبيعة البنى البنيوية، أو ضعف الدعم المجتمعي، أو تحالفات القوائم التي تهمّش النساء لصالح حسابات انتخابية.
رسالة واضحة للجميع إن الإصلاح السياسي لا يكتمل دون مشاركة فاعلة للنساء
تشير "تضامن" إلى أن ما جرى في انتخابات نقابة المحامين يجب مراجعة جدية للإجراءات والممارسات التي تُقصي النساء من المشهد المهني والنقابي، إذ أن تمثيل النساء في مواقع صنع وممارسة القرار لا يمكن أن يكون ترفًا، بل ضرورة وحاجة ماسة لضمان تحقيق العدالة والتمثيل الحقيقي لكلا الجنسين، مما يساهم في تحسين رفاه المجتمع والأسر، وإذا كان الأردن قد بدأ رحلة التحديث السياسي والدستوري، فإن نجاح هذه المسيرة مشروط بدمج النساء كفاعلات رئيسيات في كل المسارات – السياسية، والنقابية، والمجتمعية.
جمعية معهد تضامن النساء الأردني – 1/6/2025
زهور غرايبة